الثلاثاء، 21 سبتمبر 2010

المسيح يبشر بـ محمد (الجزء الاول)


المسيح يبشر بالبارقليط
للدكتور/ منقذ بن محمود السقار

تعددت بشارات العهد الجديد عن مجيء النبي محمد صلى الله عليه وسلم ،
ولعل من أهم هذه البشارات، هو ما ذكره نبي الله عيسى عليه السلام ،
وأورده يوحنا في سفره، عندما تحدث عن وصية عيسى لتلاميذه : " إن كنتم تحبونني فاحفظوا وصاياي، وأنا أطلب من الآب فيعطيكم آخر،
ليمكث معكم إلى الأبد، روح الحق الذي لا يستطيع العالم أن يقبله،
لأنه لا يراه ولا يعرفه، وأما أنتم فتعرفونه لأنه ماكث معكم، ويكون فيكم...
إن أحبني أحد يحفظ كلامي، ويحبه أبي وإليه نأتي، وعنده نصنع منـزلاً
الذي لا يحبني لا يحفظ كلامي والكلام الذي تسمعونه ليس لي بل للآب
الذي أرسلني بهذا كلمتكم وأنا عندكم
وأما المعزي الروح القدس الذي سيرسله الآب
فهو يعلمكم كل شيء ويذكركم بكل ما قلته لكم …
قلت لكم الآن قبل أن يكون، حتى متى كان تؤمنون
لا أتكلم أيضاً معكم كثيراً
لأن رئيس هذا العالم يأتي وليس له فيّ شيء "
( يوحنا 14 : 30 ) . وفي الإصحاح الذي يليه يعظ المسيح تلاميذه
طالباً منهم حفظ وصاياه، ثم يقول:
" متى جاء المعزي الذي سأرسله أنا إليكم من الآب،
روح الحق الذي من عند الآب
ينبثق، فهو يشهد لي، وتشهدون أنتم أيضاً
لأنكم معي في الابتداء قد كلمتكم بهذا
لكي لا تعثروا، سيخرجونكم من المجامع، بل تأتي ساعة
فيها يظن كل من يقتلكمأنه يقدم خدمة لله....
قد ملأ الحزن قلوبكم، لكني أقول لكم الحق:
إنه خير لكم أن أنطلق، لأنه إن لم أنطلق لا يأتيكم المعزي، ولكن إن ذهبت
أرسله إليكم ومتى جاء ذاك يبكت العالم على خطية وعلى بر وعلى دينونة،
أما على خطية فلأنهم لا يؤمنون بي، وأما على بر فلأني ذاهب إلى أبي
ولا ترونني أيضاً، وأما على دينونة فلأن رئيس هذا العالم قد دين.
إن لي أموراً كثيرة أيضاً لأقول لكم، ولكن لا تستطيعون أن تحتملوا الآن،
وأما متى جاء ذاك، روح الحق، فهو يرشدكم إلى جميع الحق،
لأنه لا يتكلم من نفسه بل كل ما يسمع يتكلم به، ويخبركم بأمور آتية،
ذاك يمجدني لأنه يأخذ مما لي ويخبركم"
- يوحنا 15/26 - 16/14 وهذه الإشارة هنا على لسان عيسى عليه السلام ويوحنا من بعده
عن ما أسماه ( المعزي ) هي إشارة لمحمد عليه الصلاة السلام،
ولفظ ( المعزي ) هو ترجمة جديدة للفظ آخر تم إستبداله في القرون السابقة ،
واللفظ القديم هو ( بارقليط ) وهو لفظة عبرية الأصل
تعني المحامي ، المدافع. ويستعمل هذا اللفظ في اليونانية أيضا بأحد معنيين : وفي هذه النصوص يتحدث المسيح عن صفات الآتي بعده فمن هو هذا الآتي؟

البارقليط عند النصارى

يجيب النصارى بأن الآتي هو روح القدس
الذي نزل على التلاميذ يوم الخمسين
ليعزيهم في فقدهم للسيد المسيح، وهناك
" صار بغتة من السماء صوت كما من هبوب ريح عاصفة،
وملأ كل البيت حيث كانوا جالسين، وظهرت لهم ألسنة
منقسمة كأنها من نار، واستقرت على كل واحد منهم،
وامتلأ الجميع من الروح القدس، وابتدءوا يتكلمون بألسنة أخرى
كما أعطاهم الروح أن ينطقوا "
- أعمال 2/1 - 4
ولا تذكر أسفار العهد الجديد شيئاً - سوى ما سبق -
عن هذا الذي حصل يوم الخمسين من قيامة المسيح.
يقول الأنبا أثناسيوس في تفسيره لإنجيل يوحنا:
" البارقليط هو روح الله القدوس نفسه المعزي،
البارقليط: المعزي
" الروح القدس الذي يرسله الأب باسمي "
- يوحنا 14/26، وهو الذي نزل عليهم يوم الخمسين
- أعمال 2/1 - 4
فامتلأوا به وخرجوا للتبشير، وهو مع الكنيسة وفي المؤمنين،
وهو هبة ملازمة للإيمان والعماد

البارقليط عند المسلمين
ويعتقد المسلمون أن ما جاء في يوحنا عن المعزي،
إنما هو بشارة المسيح بنبينا صلى الله عليه وسلم
وذلك يظهر من أمور منها لفظة " المعزي "
لفظة حديثة استبدلتها التراجم الجديدة للعهد الجديد،
فيما كانت التراجم العربية القديمة
(1820م، 1831م، 1844م)
تضع الكلمة اليونانية (البارقليط) كما هي،
وهو ما تصنعه كثير من التراجم العالمية
وفي تفسير كلمة " بارقليط " اليوناني نقول:
إن هذا اللفظ اليوناني الأصل، لا يخلو من أحد حالين الأول أنه "باراكلي توس". فيكون بمعنى: المعزي والمعين والوكيل. والثاني أنه " بيروكلوتوس"، فيكون قريباً من معنى: محمد وأحمد . يقول أسقف بني سويف الأنبا أثناسيوس في تفسيره لإنجيل يوحنا
" إن لفظ بارقليط إذا قمنا بإمالة نطقه نحو الكسرة بعض الشيء نطقه قليلاً
يصير "بيركليت"، ومعناه: الحمد أو الشكر، وهو قريب من لفظ أحمد . ويؤكد هذا البروفيسور كارلو نيلنو
أستاذ آداب اليهود اليونانية القديمة
حيث قال إن معنى كلمة " بيركلوتس " هو " الذي له حمد كثير .
ومما يؤكد أيضا خطأ ترجمة ( بارقليط ) إلى ( المعزي )
أن اللفظة اليونانية (بيركلوتس ) اسم لا صفة، فقد كان من عادة اليونان
زيادة السين في آخر الأسماء، وهو ما لا يصنعونه في الصفات . ويرى البروفيسور عبد الأحد داود
– أستاذ علم اللاهوت المسيحي، كان مسيحيا وإعتنق الإسلام -
إن تفسير الكنيسة للبارقليط بأنه
" شخص يدعى للمساعدة أو شفيع أو محام أو وسيط " غير صحيح،
فإن كلمة بارقليط اليونانية لا تفيد أياً من هذه المعاني، فالمعزي في اليونانية يدعى
(باركالوف أو باريجوريس)، والمحامي تعريب للفظة (سانجرس)، وأما الوسيط
أو الشفيع فتستعمل له لفظة " ميديتيا "، وعليه فعزوف الكنيسة عن معنى الحمد
إلى أي من هذه المعاني إنما هو نوع من التحريف.
يقول الدكتور سميسون كما في كتاب "الروح القدس أو قوة في الأعالي
": "الاسم المعزي ليس ترجمة دقيقة جداً" ومما سبق يتضح لنا أن ثمة أيد خفية قد حرفت هذه الكلمة لمنع هذا الدليل القوي عن مجيء محمد عليه السلام من الظهور خلافاً بين المسلمين والنصارى في الأصل اليوناني لكلمة " بارقليط " حيث يعتقد المسلمون إذ أن أصل كلمة " بارقليط " " بيركلوتوس "
وأن ثمة تحريفاً قد حدث لإخفاء دلالة الكلمة على اسم النبي أحمد: الذي له حمد كثير ومثل هذا التحريف لا يستغرب وقوعه، فهناك حالات كثيرة لمثل هذا التحريف في كتب اليهود والنصارى وقد رصدها باحثون أكاديميون في الشرق والغرب. في كتب القوم، ففيها من الطوام مما يجعل تحريف كلمة " البيرقليط " من السهل الهين كما أن وقوع التصحيف والتغير في الأسماء كثير عند الترجمة بين اللغات وفي الطبعات، فاسم "بارباس" في الترجمة البروتستانتية هو في نسخة الكاثوليك "بارابا" وكذا (المسيا، ماشيح) و(شيلون، شيلوه) وسوى ذلك، وكلمة "البارقليط" مترجمة عن السريانية لغة المسيح الأصلية فلا يبعد أن يقع مثل هذا التحوير حين الترجمة ولجلاء التحريف في هذه الفقرة فإن أدوين جونس في كتابه " نشأة الديانة المسيحية " يعترف بأن معنى البارقليط: محمد، لكنه يطمس اعترافه بكذبة لا تنطلي على أهل العلم والتحقيق، فيقول بأن المسيحيين أدخلوا هذا الاسم في إنجيل يوحنا جهلاً منهم بعد ظهور الإسلام وتأثرهم بالثقافة الدينية للمسلمين . ويقول البروفيسور أحمد الجمل أستاذ اللغة السريانية
– وهي لغة الإنجيل الأصلية –
في حديثه حول كلمة بارقليط : إن من أصعب الأمور التى تحير الباحث عن الحقيقة هو الوقوف أمام مصطلح لغوى لا أصل له فى اللغة المنسوب إليها ، فمصطلح ܦ݁ܰܪܰܩܠܺܛܳܐ الذى ينطق فى اليونانية بارقليط لا وجود له فى الحقيقة بين مفردات اللغة اليونانية، وقد حاول الكثيرون أن يوجدوا له نسباً شرعياً فيها، فأتوا له بعدة كلمات يونانية، قريبة منه فى الشكل والمنطوق، وقالوا: إنه منها، غير أنهم لم يؤيدوا رأيهم بأى دليل. فهل يمكن أن نصدقهم فى زعمهم ؟ والأصل بعد كل هذا الجدل فإن كلمة بارقليط كلمة آرامية الأصل ، نقلها كاتب الإنجيل بلفظها إلى اليونانية ، وبتحليل الكلمة نجد أنها كلمة مركبة من مقطعين،
هما : فُرِق + ليٍطُا . فأما كلمة فُرِقpāreq فهى اسم فاعل مفرد مذكر نكرة، من الفعل فرَق pəraq بمعنى " خَلَّص – أنقذ " وحينئذ يكون معنى كلمة فُرِق pāreq "مُخلِّص – مُنقِذ "، وأما كلمة ليٍطُا līƒā فهى اسم مفعول مفرد مذكر معرفة من الفعل لُط lāƒ " لعن " ومن ثم يكون معنى كلمة ليٍطُا līƒā "الملعون". وعلى ذلك يكون أصلها فى لغتها فُرِقليٍطُا pāreqlīƒā ولفظها بارِقْليط ، بمعنى : مُخلِّص أو مُنقِذ الملعون – الهادى ، وهى بذلك صفة لخاتم الرسل محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ وليست اسمه، كما تذكر أكثر المصادر.

تابعونا فى الجزء الثانى

0 التعليقات :